بر الوالدين.. فضيلة تفتح أبواب السماء وتزيد الرزق
بر الوالدين مصطلح يتردد على مسامعنا منذ نعومة أظافرنا، ولكنه ليس مجرد واجب اجتماعي نؤديه، بل هو عبادة عظيمة بها تفتح أبواب الخير والبركة في حياتنا الدنيوية والآخرة.
وقد حثت الشريعة الإسلامية على طاعة الوالدين وبرهما والبعد عن عقوقهما بصفة مؤكدة وقاطعة، وورد ذلك في الكثير من المواضع القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ولـ بر الوالدين مظاهر سنتعرف عليها في سطور هذا الموضوع.
فضل بر الوالدين في الإسلام
الحرص على رضا الوالدين بمثابة زاد الصالحين وقوت للمخلصين وأسرع طريق إلى رضوان الله والفوز بمكانة رفيعة في الدنيا والآخرة، وهناك الكثير من الأدلة التي تبرهن فضل الإحسان إلى الوالدين وبرهما ومن أهمها ما يأتي:
اقتران بر الوالدين بعبادة الله سبحانه وتعالى
إن بر الوالدين والابتعاد عن مظاهر عقوقهما من أعظم القربات التي من خلالها يتقرب العبد إلى ربه بعد عبادته مباشرة، وقد عبر عن ذلك رب العزة في كتابه بقوله تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”، ومن خلال التأمل في الآية الكريمة نجد أن الله سبحانه وتعالى أمر بتوحيده، وأتبع هذا الأمر مباشرة بوصية تحمل في خضمها بر الوالدين والإحسان إليهما، والحق أنها ليست مجرد وصية بل أمر وقضاء إلهي يجب الامتثال له فلا اختيار فيه ولا جدال.
وقد قرن سبحانه وتعالى عبادته مع بر الوالدين في نفس المقام في موضع آخر، حينما قال جل علاه في كتابه العزيز: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله
ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله، قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني”.
وقد دل الحديث الشريف أن بر الوالدين من أفضل العبادات وأحب الأعمال إلى الله، حيث جعلها في المرتبة الثانية بعد الصلاة، وكذلك قدمها على الجهاد في سبيل الله، وهذا يبين عظمة هذه الفضيلة ومكانتها في الإسلام.
بر الوالدين يبارك في العمر
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر”، ونستدل من هذا الحديث الشريف على أنه إذا قدر الله العمر الأطول فإنه بسبب بر الوالدين، حتى وإن لم تزد عدد السنوات فإن العبد يجد البركة في وقته وحياته، وسعه في رزقه ويمتلئ عمره بالخير والقيمة وكأنه عاش عمرًا أطول.
بر الوالدين من أسباب استجابة الدعاء
ومن أكثر أسباب استجابة الدعاء “بر الوالدين وطاعتهما” وهذه الفائدة يستدل عليها من حديث عمر في قصة أويس، حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:” سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بار؛ لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل”.
فقد زكى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرجل وأوصى من يدركه أن يستغفر له، ولم يذكر – عليه أفضل الصلاة والسلام – خصلة من خصاله سوى أنه بار بأمه، وهذا دليل واضح على أن البار بوالديه مستجاب الدعوة إن شاء الله.
البار بوالديه يبره أبنائه
هناك الكثير من الأدلة النقلية والعقلية الدامغة بأن البار بوالديه يبره أبنائه، فقد ورد عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: “الولد مجبول على ما كان عليه أبوه” فالأبناء يقتدون بسلوك آبائهم، كمان أن في بر الوالدين وطاعتهما قدوة حسنة للأبناء، وما فعله الشخص مع والديه سواء خير أو شر سيقتدي به أبنائه.
مظاهر بر الوالدين والإحسان لهما
يعود أصل وجودنا ونشأتنا بعد الله عزوجل إلى الوالدين، فبفضلهما وُجِدنا، وبرعايتهما واهتمامها أصبحنا، وقدما العديد من التضحيات التي لا يقدرها ثمن، لذا فقد أصبح برهما وطاعتهما واجب ديني واجتماعي لا خيار في تنفيذه، حتى جعل رب العزة عقوقهما كبيرة من الكبائر.
ولا يتوقف بر الوالدين على وجودهما في الحياة فقط، بل ويمتد أيضا إلى بعد وفاتهما، وقد حثت على ذلك الشريعة الإسلامية الغراء.
مظاهر بر الوالدين في حياتهما
· المعاملة بالرفق واللين، لقول الله تعالى: “واخفض لهما جناح الذل من الرحمة”
الإنفاق على الوالدين إذا كانا محتاجين لهذا، وكان الولد قادرًا فعليه أن يكفي حاجتهما المادية.
· خدمتهما في حالة الشيخوخة أو العجز.
· مودتهما وزيارتهما، وعدم هجرهما والابتعاد عنهما عند الانخراط في الحياة.
· شكر الله على نعمة وجودهما.
· الابتعاد عن الأذى الفعلي أو القولي، فقال تعالى: “ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما”.
· إدخال السرور عليهما بشتى الطرق، سواء الكلمة الطيبة أو الهدايا المفرحة، وغير ذلك من مظاهر إسعاد النفس.
مظاهر بر الوالدين بعد الوفاة
· الحرص على مودة أصدقائهما وأهلهما، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولّى”
· إخراج الصدقات عنهما بعد وفاتهما.
· الدعاء والاستغفار لهما، من أفضل الهدايا التي يمكن إرسالها للوالدين بعد وفاتهما، فقال رسولنا الكريم في حديث شريف: ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..، ذكر منها: أو ولد صالح يدعو له”.
· تسديد ديونهما عنهما بعد الوفاة، وكذلك قضاء النذور والوفاء بالعهود.
إرسال التعليق